
بسم الله الرحمن الرحيم: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) الروم– ٤٧.
أبارك للشعب الفلسطيني و مقاومته الباسلة و للأمة الاسلامية و أحرار العالم المحبين للسلام الانتصار الكبير الذي تحقق على يد بواسل المقاومة في غزة العزة والشموخ على أرض فلسطين الحبيبة، التي لم تنل من عزيمتها الجراحات و نزيف الدم، وواصلت بثقة عميقة بالله تعالى و بإرادة صلبة للمجاهدين والثوار و بالإعتماد على النفس منهج المقاومة البطولي و طريق المواجهة الساخنة بدلا عن تضييع الوقت والجهد على مشاريع وهمية هدفها تكريس واقع الاحتلال.
ان انتصار المقاومة الاسلامية في فلسطين قد فصل بين مرحلتين وتأريخين في مسار القضية الفلسطينية العادلة، اذ ان ما بعده سوف لن يشبه ما قبله، و رسم خارطة جديدة لمسارات الصراع و لإسترداد الحقوق المغتصبة و تحرير الارض والمقدسات وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
ان منطقة الشرق الاوسط بعد ٢١ أيار ٢٠٢١ قد دخلت في عهد جدبد، وظهرت فيها معادلة قوة غير مألوفة ستؤثر على التوازنات السياسية و الأمنية لجميع دولها. و ان شجاعة المقاومة ومعنوياتها العالية و وحدة قرارها المستقل وتلاحم الامة الإسلامية معها بالاسناد والدعم كان من أهم اسباب هذا النصر المبين، الذي عجز عن تحقيقه جيوش دول عديدة و حروب كثيرة.
ان على الصهاينة الغزاة ان يعلموا ان فلسطين ليس لهم و الجيل الجديد من المقاومة قد استلم زمام الامر وذاق طعم النصر، مما يجعل أيامهم معدودة ونهايتهم قريبة بإذن الله تعالى، و ان الحق لابد و ان يعود إلى أهله عاجلا ام اجلا، و ان قوة الشعوب لا تقهر وارادتها لا تكسر.
لقد تبدد خلال الأيام المنصرمة الكثير من الأوهام و تغيرت الحسابات، وظهر فشل الخطط و الإستراتيجيات، وانكشف واقع العدو للقريب والبعيد، وخسر الكثير من هيبته وسمعته التي راكمها بالخداع والكذب داخليا وخارجيا.
ان هذا النصر المبين هو استمرار لانتصارات سبقته اذ حقق الشعب اللبناني ومقاومته البطلة المتمثلة بحزب الله النصر الباهر على الصهاينة عام ٢٠٠٦.
وعلى الدول العربية أولا ان تعيد النظر في تعاطيها مع العدو الغاصب و ان يعلنوا رفضهم لصفقة القرن وان يعيدوا النظر في مواقفهم و يرجعوا الى رشدهم ومسؤولياتهم قبل ان يغرقهم طوفان التاريخ و تلعنهم الاجيال والشعوب على مواقفهم المخزية.
ان العالم اليوم يقف امام واقع جديد في منطقتنا فرضته إرادة المقاومة و انتصارها، تعتمد على وعي الشعوب و قرارها، وعنفوان شبابها المجاهدين.
نوري كامل المالكي
الأمين العام لحزب الدعوة الإسلامية
٨ شوال ١٤٤٢
٢١ أيار ٢٠٢١